This eBook is donated to the public domain by the author, in honor of

Michael Hart.

ورحل مايكل هارت.. قدّيس الكتاب الرقمي!

ماجد الحيدر

في صمت وهدوء.. بعيداً عن أضواء الإعلام التي تتلقف أخبار هذا وذاك من نجوم الرياضة والسياسة والسينما.. وفي الوقت الذي واصل الناس التعبير عن حزنهم على رحيل مخترع كبير آخر هو ستيف جوبز عن طريق شراء المزيد من أجهزة الآي فون التي تصب المليارات في خزائن الشركة المنتجة.. رحل عن عالمنا، في بيت متواضع مزدحم بالكتب، رجل قدم للإنسانية جمعاء، وللثقافة والمعرفة على وجه الخصوص، اختراعاً عظيماً لا يقل في أهميته عن سلسلة الاختراعات والاكتشافات الكبرى التي رسمت صورة المجتمع البشري والحضارة الإنسانية المعاصرة، اختراعا لم يعط حتى الساعة حقَّه من التقييم وبيان ما تركه وما سيتركه من آثار…إنه الكتاب الألكتروني "eBook".. الاختراع، ومايكل هارت Michael S Hart"".. المخترع..ولد مايكل هارت في واشنطن في الثامن من آذار عام 1947 لأب عمل خلال الحرب العالمية الثانية في مجال فك الشفرات العسكرية، ثم أنتقل مع أسرته الى "ألينويز" ليعمل هو وزوجته أستاذين جامعيين في حقلي الدراسات الشكسبيرية وتدريس الرياضيات على التوالي. في الستينات التحق مايكل هارت هو الآخر طالباً في جامعة الينويز لدراسة الهندسة الكيميائية لكنه هجرها مللاً بعد عامين ليساق بعدها الى الجيش خلال حرب فيتنام.ثم عاد لينخرط في الدراسة من جديد ويحصل، بامتياز، على شهادته في العلوم الإنسانية في غضون عامين فقط. ورغم أنه، ولظروف معينة، لم يتمكن من إكمال دراسته العليا فإن أن تلك الفترة بالذات هي التي منحته الفرصة الذهبية ليخرج الى العالم بالكتاب الالكتروني؛ ففي عام 1971 منحه مركز الكومبيوتر في جامعة ألينويز وبمساعدة من أحد أصدقاء أخيه فرصة مفتوحة ومجانية للدخول الى منظومته واستعمال حاسبته، وهو الأمر الذي لم يكن متاحاً في ذلك الزمان الا للقلة القليلة من الناس في المراكز البحثية والأكاديمية المتقدمة ونظير مبالغ طائلة. كانت تلك الحاسبة جزءً من شبكة تتكون من 15 حاسبة لم يكن عدد المشتركين فيها ليزيد على المائة شخص وشكلت نواة لما تطور لاحقاً الى شبكة الانترنت العالمية الهائلة.كان الاتجاه السائد في وقتها هو الاقتصار على استخدام الحاسبات العملاقة النفيسة (البدائية بمقاييس عصرنا) في مجال معالجة المعلومات data processing، غير أن هارت، بما امتلكه من حس مستقبلي ونظر ثاقب كان يتطلع الى استخدامها في مجال آخر كان يخطو خطواته الأولى وهو نشر وتوزيع المعلومات. ويروي لنا هارت نفسه حكاية شبيهة بحكاية نيوتن والتفاحة:مساء يوم الرابع من تموز عام 1971 حين كان عائداً الى بيته من مشاهدة حفل للألعاب النارية بمناسبة عيد الاستقلال، شعر بالجوع فمر على محل للبقالة.. وهناك أهدوه مع كيس مشترياته نسخة من إعلان الاستقلال الشهير.. وبدلاً من أن يتصفحه ثم يلقيه في ركن ما أو يضعه الى جانب الكتب والمجلات الأخرى كما يفعل الآخرون، فكر بما يمكن أن يصنعه به بالاستفادة من المنحة المقدمة اليه لاستخدام شبكة الجامعة كنوع من رد الجميل بعمل شيء مفيد للناس. فقرر أن يطبع الاعلان ويوزعه الكترونياً. وطبع النص بالفعل ولم يكن ذلك بالأمر اليومي السهل الذي يقوم به البشر الآن مليارات المرات.. حيث لا نظام تشغيل مثل وندوز ولا برامج مريحة مثل الأوفس وغيره.. لقد كانت عملية تدعى تحويل النص الى صيغة رقمية أو شيئاً من هذا القبيل ولا يقوم بها لا المختصون! المهم أنه أراد بعد طبع ذلك الإعلان أن يرسله الى عدد من معارفه عبر البريد الالكتروني (الذي كان هو الآخر في مهده) لكنهم أخبروه أن إرسال ذلك النص الى العديد من المتلقين في وقت واحد أمر غير مسموح به وقد يعرض المنظومة كلها الى الانهيار! وكان هذا ما ألهم هارت الفكرة العبقرية التي قد تبدو الآن غاية في البساطة: ماذا لو قمنا بتحويل ألاف وملايين الكتب التي انتجها الفكر البشري الى "صيغة رقمية" ورفعناها الى مكتبة افتراضية (رقمية) مجانية كي يتمكن أي متصل بالشبكة من "تنزيلها" وقراءتها؟!وبدأ هارت مغامرته الجنونية التي سيكرس لها حياته: كان الهدف (الخيالي) الذي وضعه لنفسه هو أن يجعل العشرة آلاف كتاب الأكثر مرجعية متاحة للجمهور مجاناً بحلول 2000. وكان عليه أولا أن يختار كتبا ونصوصاً من نوعية معينة، بمعنى أن تكون من كلاسيكيات الأدب العالمي التي أحدثت أثرا كبيرا في تكوين الحضارة الإنسانية وأن تكون في الوقت عينه غير خاضعة لحقوق النشر أي ألا يسبب نشرها أي انتهاك لقوانين الملكية الفكرية الصارمة المعمول بها في بلاده. فاختار الكتاب المقدس، وأعمال هوميروس،

...

BU KİTABI OKUMAK İÇİN ÜYE OLUN VEYA GİRİŞ YAPIN!


Sitemize Üyelik ÜCRETSİZDİR!